فصل: فصل في معاني السورة كاملة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



5- وقوله جل وعز: {لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه} (آية 7) روى أشعث عن الحسن قال: {أم القرى} مكة قال أبو جعفر وإنما قيل لها أم القرى لنها أول ما عظم من خلق الله عز وجل أو لأنها ما وضع كما قال جل وعز: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة} وفي الحديث «إن الأرض منها دحيت» قال أبو جعفر والمعنى لتنذر أهل أم القرى وتنذر من حولها.
{وتنذر يوم الجمع} أي يوم يبعث الناس جميعا المعنى وتنذرهم بيوم القيامة ثم حذف المفعول والباء كما قال تعالى: {لينذر باسا شديدا من لدنه}.
6- وقوله جل وعز: {فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا} (آية 11) {جعل لكم من أنفسكم أزواجا} أي إناثا {ومن الأنعام ازواجا يذرؤكم فيه} قال مجاهد نسلا من بعد نسل من الناس والإنعام قال قتادة {يذرؤكم فيه} يعيشكم فيه قال أبو جعفر المعنى انه لما قال: {جعل} دل على الجعل كما يقال من كذب كان شرا له أي يخلقكم ويكثركم في الجعل.
وقال الفراء {فيه} بمعنى به والله اعلم وقال القتبي {يذرؤكم فيه} في الزوج قال أبو جعفر كأن المعنى عنده يخلقكم في بطون الإناث ويكون {فيه} في الرحم وهذا خطأ لأن الرحم مؤنثة ولم يجر لها ذكر.
7- وقوله جل وعز: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (آية 11) الكاف زائدة التوكيد وأنشد سيبويه:
وصاليات ككما يؤثفين

8- وقوله جل وعز: {له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} (آية 12) قال الحسن ومجاهد وقتادة المقاليد المفاتيح قال أبو جعفر والذي يملك المفاتيح يملك الخزائن يقال للمفتاح إقليد وجمعه على غير قياس كمحاسن والواحد حسن.
9- وقوله جل وعز: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك} (آية 13) قال أبو العالية الذي وصى به نوحا الإخلاص لله وعبادته لا شريك له وقال مجاهد وصى نوحا ووصاك ووصى الأنبياء كلهم دينا واحدا وقال الحكم جاء نوح بالشريعة بتحريم الأمهات والبنات والأخوات وقال قتادة جاء نوح بالشريعة بتحليل الحلال وتحريم الحرام قال أبو جعفر قول أبي العالية ومجاهد بين لأن الإسلام والإخلاص دين جميع الأنبياء والشرائع مختلفة.
10- قوله جل وعز: {وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} (آية 13) قال أبو العالية {ولا تتفرقوا} أي لا تتعادوا هو وكونوا إخوانا قال قتادة فأخبر أن الهلكة في التفرق وأن الإلفة في الاجتماع.
11- ثم قال جل وعز: {كبر على المشركين ما تدعوهم إليه} (آية 13) قال قتادة أكبروا وسلم واشتد عليهم شهادة ان لا إله إلا الله وحده وضاق بها إبليس وجنوده فأبى الله جل وعز إلا أن ينصرها ويفلجها ويظهرها على من ناوأها.
12- ثم قال جل وعز: {الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب} (آية 13) قال أبو العالية يخلصه من لاشرك ولا يكون الاجتباء إلا من الشرك وقال مجاهد {يجتبي} يخلص.
13- وقوله جل وعز: {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم} (آية 14) المعنى وما تفرقوا إلا من أجل البغي {من بعد ما جاءهم العلم} القرآن والدلالات على صحة نبوة محمد عليه السلام.
14- وقوله جل وعز: {ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم} (آية 14) قال مجاهد أخروا إلى يوم القيامة.
15- وقوله جل وعز: {فلذلك فادع واستقم كما أمرت} (آية 15) مؤخر ينوى به التقديم والمعنى كبر على المشركين ما تدعوهم إليه فلذلك فادع واستقم كما أمرت {فلذلك} أي فإلى ذلك أي فإلى إقامة الدين كما قال: (أوحى لها القرأر فاستقرت) أي أوحى إليها.
16- وقوله جل وعز: {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة} (آية 16) قال مجاهد أي من بعد ما اسلم الناس قال وهؤلاء قوم توهموا أن الجاهلية تعود وقال قتادة الذين حاجوا في الله من بعد ما استجيب له اليهود والنصارى قالوا نبينا قبل نبيكم وديننا قبل دينكم ونحن خير منكم.
17- قوله جل وعز: {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} (آية 17) قال قتادة الميزان العدل.
18- ثم قال جل وعز: {وما يدريك لعل الساعة قريب} (آية 17) {لعل الساعة} أي البعث قريب أو لعل مجئ الساعة قريب.
19- وقوله جل وعز: {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق} (آية 18) أي يقولون متى تكون على وجه التكذيب بها.
{والذين آمنوا مشفقون منها} أي خائفون لأنهم قد أيقنوا بكونها {ألا إن الذين يمارون في الساعة} أي يجادلون فيها ليشككوا المؤمنين {لفي ضلال بعيد} لأنهم لو أفكروا عنه لعلموا أن الذي أنشأهم وخلقهم أول مرة قادر على أن يبعثهم.
20- وقوله جل وعز: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه} (آية 20) الحرث: العمل ومنه قول عبد الله بن عمر (احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا) ومنه سمي الرجل حارثا والمعنى من كان يريد بعمله الآخرة {نزد له في حرثه} أي نوفقه ونضاعف له الحسنات.
وقوله جل وعز: {ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها} (آية 20) في معناه ثلاثة أقوال:
أ- منها أن المعنى نؤته منها ما نريد كما قال سبحانه: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد}.
بـ:- ومنها أن يكون المعنى ندفع عنه من آفات الدنيا.
ج- والقول الثالث أن المعنى: من كان يفعل الخير ليثنى عليه تركناه وذلك ولم يكن له في الآخرة نصيب.
21- وقوله جل وعز: {ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم} (آية 22) أي من جزاء ما كسبوا وهو العذاب وهو واقع بهم.
22- وقوله جل وعز: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} (آية 23) في معناها أربعة أقوال:
أ- روى قزعة بن سويد عن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم «قل لا أسألكم على ما أتيتكم به أجرا إلا أن تتوددوا لله وتتقربوا إليه بطاعته» وروى منصور وعوف عن الحسن {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قال تتوددون إن إلى الله جل وعز وتتقربون منه بطاعته فهذا قول.
بـ:- وقال الشعبي ومجاهد وعكرمة وقتادة المعنى قل لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودوني لقرابتي منكم فتحفظوني ولا تكذبوني قال عكرمة وكانت قريش تصل أرحامها فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم قطعته فقال «صلوني كما كنتم تفعلون» قال أبو جعفر والمعنى على هذا قل لا أسألكم عليه أجرا لكن أذكركم قرابتي على أنه استثناء ليس من الأول فهذان قولان:
ج- وقال الضحاك هذه الآية منسوخة نسخها قوله جل وعز: {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم} فالذي سئلوه أن يودوه بقرابته ثم رده الله إلى ما كان عليه الأنبياء كما قال نوح وهود {قل لا أسألكم عليه أجرا} فهذه ثلاثة أقوال.
د- وروى قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزلت: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قالوا يا رسول الله من هؤلاء الذين نودهم؟ قال علي وفاطمة وولدها.
23- وقوله جل وعز: {ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا} (آية 23) الاقتراف الاكتساب وهو مأخوذ من قولهم رجل قرفة إذا كان محتالا.
24- وقوله جل وعز: {أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك} (آية 24) قال قتادة أي إن شاء أنساك ما علمك وقيل المعنى إن يشأ يزل تمييزك فاشكره إذ لم يفعل.
وقيل معنى {فإن يشأ الله يختم على قلبك} إن يشأ الله يربط على قلبك بالصبر على أذاهم وقولهم {افترى على الله كذبا} تم الكلام.
25- ثم قال جل وعز: {ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته} (آية 24) أي يمحو الله الشرك ويزيله.
وقوله جل وعز: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات} (آية 24) في الحديث أن عبد الله بن مسعود سئل عن رجل زنى بامرأة أيجوز له أن يتزوجها؟ فقال: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون}.
26- وقوله جل وعز: {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله} (آية 26) (الذين) في موضع نصب بمعنى ويستجيب للذين آمنوا كما قال سبحانه وإذا كالوهم أي كالوا لهم يقال إستجبته إلا بمعنى أجبته وانشد الأصمعي:
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى ** فلم يستجبه عند ذاك مجيب

ويجوز أن يكون في موضع رفع ويكون {ويستجيب الذين آمنوا} بمعنى يجيب الذين آمنوا كما قال عز وجل: {فليستجيبوا لي} قال محمد بن يزيد حقيقته فليستدعوا فيه الإجابة هكذا حقيقة معنى (استفعل).
27- وقوله جل وعز: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء} (آية 27) روى سعيد عن قتادة قال خير الرزق ما لا يطغي ولا يلهي.
28- وقوله جل وعز: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا} (آية 28) قال مجاهد {من بعد ما قنطوا} أي يئسوا قال أبو جعفر يقال قنط يقنط وقنط يقنط إذا اشتد يأسه من الشيء.
29- وقوله جل وعز: {ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة} (آية 29) قال الفراء أراد بث في الأرض دون السماء كما قال سبحانه: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} وإنما يخرج من الملح قال أبو جعفر هذا غلط.
روى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وما بث فيهما من دابة} قال الناس والملائكة.
وهذا قول حسن يقال لكل حي دابة من دب فهو داب والهاء للمبالغة كما يقال رواية وعلامة ثم قال جل وعز: {وهو على جمعهم} أي على إحيائهم {إذا يشاء قدير}.
30- وقوله جل وعز: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} (آية 30) يقال قد تكون المصيبة بغير هذا ففيه أجوبة:
أ- أروى معمر عن قتادة عن الحسن في قوله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} قال الحدود فالمعنى في هذا إن الله جل وعز جعل الحدود بما يعمل من المعاصي.
بـ:- وقيل ما ههنا بمعنى (الذي) وهو حسن والدليل على هذا أن أهل المدينة قرؤوا (بما) بغير فاء فالمعنى على هذا والذي كان أصابكم بذنوب عملتموها ج- وروى سفيان عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من خدش عود ولا عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر» ثم تلا {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} قال أبو جعفر فالمعنى على هذا وما أصابكم من مصيبة مقصود بها العقوبة فبما كسبت أيديكم قال أبو جعفر وفي الآية قول رابع وهو أن كل مصيبة تصيب فإنما هي من اجل ذنب إما أن يكون الإنسان عمله وإما أن يكون تنبيها له لئلا يعمله وإما أن يكون امتحانا له ليعتبر والداه فقد صارت كل مصيبة على هذا من أجل الذنوب وصارت القراءة بالفاء أحسن لأنه شرط وجوابه.
31- وقوله جل وعز: {ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام} (آية 32) قال مجاهد الجواري السفن والأعلام الجبال.
32- ثم قال جل وعز: {إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره} (آية 33) أي سواكن.
33- وقوله جل وعز: {أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير} (آية 34) قال مجاهد يوبقهن يهلكهن قال أبو جعفر يقال أوبقته ذنوبه أي أهلكته قال قتادة {أو يوبقهن بما كسبوا} يهلك من فيهن بذنوبهم. قال أبو جعفر تقديره مثل {واسأل القرية}.
34- وقوله جل وعز: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش} (آية 37) روي عن ابن عباس {كبائر الإثم} الشرك ويقرأ {كبير الإثم} قال الحسن الكبائر كل ما وعد الله جل وعز عليه النار وقيل الكبائر كل ما وعد الله عليه النار وأجمع المسلون على أنه من الكبائر فقد أجمعوا على أن الخمر من الكبائر.
حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش} الإشراك واليأس من روح الله والأمن لمكر الله ومنه عقوق الوالدين وقتل النفس التي حرم الله وقذف المحصنات وأكل مال اليتيم والفرار من الزحف وأكل الربا والسحر والزنى واليمين الغموس الفاجرة والغلول ومنع الزكاة المفروضة وشهادة الزور وكتمان الشهادة وشرب الخمر وترك الصلاة متعمدا أو شيء مما افترض الله ونقض العهد وقطيعة الرحم.
35- وقوله جل وعز: {وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون} (آية 38) اي يتشاورون.
36- وقوله جل وعز: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} (آية 39) روى منصور إبراهيم كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجترئ عليهم الفساق.
37- ثم قال جل وعز: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} (آية 40) قال ابن أبي نجيح إذا قال أخزاه الله قال له أخزاه الله.
قال أبو جعفر الأولى سيئة في اللفظ والمعنى والثانية سيئة في اللفظ وليست في المعنى سيئة ولا الذي عملها مسئ وسميت سيئة لازدواج الكلام ليعلم إنها جزاء على الأولى.
38- وقوله جل وعز: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} (آية 41) قال قتادة هذا في القصاص فأما من ظلمك فلا يحل لك أن تظلمه قال الحسن {ولمن انتصر بعد ظلمه} هذا إذا لم يكن ظلمه لا يصلح أي هذا فيما أباح الله الانتصار منه.
وقد روى يونس عن الحسن في قوله: {ولمن انتصر بعد ظلمه} قال إذا لعن لعن وإذا سب سب ما لم يكن حدا أو كلمة لا تصلح.
39- وقوله جل وعز: {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي} (آية 45) أي ينظرون إلى النار قال مجاهد {خفي} أي ذليل قال أبو جعفر وقيل ينظرون بقلوبهم لأنهم يحشرون عميا.